الشيخ ابن العثيمين (رحمه الله)

عالم موسوعي في زمان قل فيه هذا الصنف من العلماء ، ورجل من الزمن القديم وجد في زماننا ليقيم الحجة على الخالفين القاعدين ، كل من رآه شهد له بالزهد والورع في زمان كاد أن يختفي هذان الأمران من بين الناس بشتى صنوفهم إلا من رحم الله ، كان آية من آيات الله في التواضع مع العلم ، وكبر النفس في زهد وتقى ، وإعراض عن متع الحياة الفانية ، سلاسة في الآداء مع سعة اطلاع تثير العجب والإكبار ، مع رفق بالسائلين ورحمة ومحبة وإكرام للمتعلمين ، جمع بين مزايا كثير من علماء عصره فاستحق أن يكون علما من أعلام وقته وإماما من أئمة الهدى في زمانه .

لعلك أيها القارئ تظن أن هذا الكلام من باب الإطراء الزائد عن الحد ، أو الخارج عن حدود الواقعية ، أو من باب حب التلميذ لشيخه ” فكل فتاة بأبيها معجبة “
، ولكن ليس من رآي كمن سمع ، ولو رأيت لعلمت أن هذا أقل من حق الشيخ ، فقد كان أكبر مما يعرفه عنه العارفون .. نحسبه كذلك ، والله تعالى حسيبه.

مولدالشيخ ونشأته :
ولد الشيخ أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين المقبل الوهيبي التميمي في مدينة عنيزة إحدى مدن القصيم عام 1347 هـ في السابع والعشرين من رمضان المبارك في عائلة معروفة بالدين والاستقامة .

حفظ الشيخ القرآن في صغره ، ثم اتجه إلى طلب العلم على يد فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى الذي يعتبر شيخه الأول ؛ حيث لازمه وقرأ عليه العلوم الشرعية واللغوية .

استفاد الشيخ رحمه الله تعالى من شيخه كثيراً ، وتأثر بمنهجه وطريقته المتميزة في التدريس ، وقرأ على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى مفتي المملكة العربية السعودية صحيح البخاري وبعض رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية ، وبعض الكتب الفقهية .

مشايخه
تتلمذ الشيخ رحمه الله تعالى على عدد من الشيوخ منهم : الشيخ عبد الرحمن السعدي ، والشيخ عبد العزيز بن باز ، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي ، والشيخ علي بن حمد الصالحي حفظه الله ، والشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع رحمه الله ، والشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان رحمه الله ، والشيخ عبد الرحمن بن سليمان آل دامغ رحمه الله .

منهجه العلمي
أوضح الشيخ رحمه الله تعالى منهجه وصرح به غير مرة ، ويتلخص في أنه يسير على الطريقة التي انتهجها شيخه العلامة السعدي ، وهو منهج يختلف عن منهج علماء الجزيرة عامة ؛ حيث يعتمد غالبهم على المذهب الحنبلي في الفروع من مسائل الأحكام الفقهية ، وكان الشيخ السعدي رحمه الله تعالى كثيراً ما يتبنى آراء شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى ، ويرجحهما على المذهب الحنبلي . ولم يكن عنده جمود تجاه مذهب معين ، بل كان متجرداً للحق ، وقد انطبعت فيه هذه الصفة ، وانتقلت إلى تلميذه محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله .

مؤلفاته
خلّف الشيخ في المكتبة الإسلامية نحو خمسين كتاباً منها :
– شرح العقيدة الواسطية .
– شرح لمعة الاعتقاد .
– القول المفيد في شرح كتاب التوحيد .
– الشرح الممتع شرح زاد المستقنع .
– شرح كشف الشبهات والأصول الستة .
– رسالة في الحجاب .
– الضياء اللامع من الخطب الجوامع .
– مختصر مغني اللبيب لابن هشام في النحو .
– الخلاف بين العلماء : أسبابه وموقفنا منه .